عرض “كتاب قصة حركة العدل والمساواة برواية خليل ابراهيم”(١) بقلم: شاكر عبدالرسول
منذ ٤ سنوات    سودان جيم
تاتي اهمية هذا الكتاب في كون ان مؤلفه هو الدكتور عبدالله عثمان التوم , استاذ علم الانثروبولوجيا في جامعة مينوث بايرلندا ، وعضو في جمعية الانثربولوجيبن الأوربيين , وفوق ذلك هو قيادي بارز في حركة العدل والمساواة السودانية يتولى رئاسة امانة التخطيط الاستراتيجي . والاهمية الثانية تكمن في ان الراوي هو الدكتور خليل ابراهيم مؤسس حركة العدل والمساواة السودانية، بالطبع لا احد يستطيع ان يتحدث عن خليل او حركة العدل اكثر مما هو نفسه.لقد استغل عبدالله التوم فترة وجوده في الميدان وفكر بان يجول في عقل خليل ابراهيم مستعينا بجهاز للتسجيل واقلام واوراق . وكان خليل ايضا واضحا وصريحا وواقعيا عندما تحدث عن سيرته الذاتية وتطرق الى جوانب قد يعتبره البعض منا كنوع من التابو . وبهذه الواقعية قدم خليل الكتاب بمثابة بيوغرافيا حقيقية لحياته وبانوراما شامل لمشروع حركة العدل والمساواة السودانية منذ تاسيسها مرورا بعملية الذراع الطويل . و يجب علينا ان لا يفوتنا بان نشير إلى أن بعض فقرات الكتاب قد يستهوي القارئ الغربي اكثر مما يستهوي القارئ السوداني , يبدو ان بقاء الكاتب لفترة طويلة في احدى الدوائر الاكاديمية الغربية قد اثر فيه ليجاري المزاج الغربي في الكتابة . فمثلا نحن كقراء سودانيين خصوصا من اقليم دارفور لا نستطيع ان نستوعب ان يصف لنا التوم عن حركات ( ضب ) شاركه في غرفة باحدى فنادق انجمينا في اكثر من ثلاث اسطر, وعن طائر اللقلق الذي يزور قرانا في الخريف اكثر من عشرة اسطر , والكدامول وكيفية ربطها اكثر من صفحة ونصف , وعن ملاح العصيدة وادواتها أكثر من نصف صفحة، وهذه الملاحظات لاينقص من مكانة الكتاب بالعكس يظهره كوجبة دسمة يجذب شهية القراء من كل الاتجهات. يبدأ الكتاب بسؤال مباشر من عبدالله التوم الى خليل ابراهيم سائلا من انت ؟ تاتي الاجابة قائلا : ” انا اسمي حنين ابراهيم محمد حنين , ويذكر تسلسل اجداده حتى يصل الى الجد الاثني عشر ويقول ” ولدت في احدى فرقان قرية كيرا , تحت شجرة لا تزال تلك الشجرة تحمل اسمي , وقيل لي اني ولدت في عام 1958 ولكني لا اظن ذلك صحيحا, انا الابن السابع في عائلة تتكون من ثمانية ابناء لقد مات والدي وكنت طفلا , وتزوج امي عمنا نور عشر – وهو والد عبدالعزيز عشر احد قادة عملية الذراع الطويل وهو الان في سجن كوبر – وكما يجب ان نذكر شقيقه االمهندس ابوبكر ايضا قد استشهد في احدى معارك حركة العدل والمساواة.ثم انتقل الى والدته قائلا : ” امي اسمها ايبة عبدالرحمن فرتي , وهي امراة مهيبة جدا ولا استطيع التعبير كم انا مدين لها ” لقد عبر حنين عن افضال والدته في حياته اكثر من مرة في سيرته . ثم انتقل الى العلاقة التي تربط بين عائلته وعدد من الادارات الاهلية في المنطقة مثل امبرو كرنوي والدور والسلطان علي دينار بالفاشر . بعد ذلك انتقل الى طفولته قائلا: ” كنت في سن الخامسة او السادسة حينما بدات رعاية الاغنام , وفي الثامنة انتقلت الى الابقار , ولما بلغت العاشرة او الحادية عشر بدات رعاية الابل” لقد احب الابل اكثر من بقية الحيوانات وافتتن بها لحد العشق ويقول “عندما بلغت سن الخامسة عشر تقريبا عرفت كل نبتة وحيوان وكل حشرة تعيش في دار زغاوة ” وتحدث ايضا عن حياة الخلوة عندما كان يرعى الاغنام وكم عانى من ضربات عصا الخيزران الذي يحمله الشيخ ويقول” لم اتحدث العربية اطلاقا وكنت اخاطب الشيخ بلغة الزغاوة كما يفعل التلاميذ الاخرون وكنا نحفظ فقط ما يقدمه لنا الفكي من دون ان نفهم معانيها ” وصف لنا حياة المسيد وصفا واقعيا ورائعا وختم قائلا ” تعلمنا فيه اركان الاسلام الخمسة واسماء الانبياء الخمسة والعشرين واسماء الله الحسنى التسعة والتسعين والصلاة والوضوء بقليل من اللغة العربية “. ومن سؤ الحظ ان يقع عليه الاختيار من بين افراد العائلة ليرعى الابل , وسمح لاخوته بان يذهبوا الى المدرسة ولكنه تمرد على قرار العائلة يقول ” انا الطفل الذي قرر الذهاب الى المدرسة دون موافقة اولياء امره…….اهم درس تعلمته من رعاية الحيوانات هو اتخاذ القرار دون موافقة اولياء امري لكن علي ان اقول ذلك في حدود المعقول ” ويقول ” ذهبت الى المدرسة ….ووقفت في الصف , وجاء مدير المدرسة , وسالني عن عمري , ولم اكن اعرفه ثم سالني كم سنة عندك منذ كسرت اسنانك الامامية؟ فقلت له قبل عامين فضحك وتم قبولي في المدرسة ” ويقول ” في اليوم الثاني وقفت في الطابور , وبعد الانصراف تسابقنا نحو الفصل وحاولت ان اجلس في الصفوف الامامية , ولكن لم يحالفني الحظ فجلست في الصفوف الخلفية, وفي الفصل يدخل المدير …. حاملا معه ملف كبير وبدا يراجع الاسماء فنظر اليه وقال “انت حنين ابراهيم محمد ….فقلت نعم ….فنظر الى السقف …. ثم نظر اليٌ وكنت ارتعد من الخوف وقال من اليوم فصاعدا اسمك خليل ابراهيم و كفانا مع شغلانة حنين دي ” هكذا بجرة قلم اصبح اسمه خليل . كم من اغنام وخراف ذبحتها العائلة ليسمى بحنين , وكم من ايات قرأه الفكي ليبارك الاسم , وكم من مرات ردد الاسم الجديد كي لاينساه واسوأ من ذلك اصبح الاسم القديم جريمة يعاقب عليها. ووصف لنا عن معاناته في تعلم العربية في السنوات الاولى . وفي الصف الثالث يوكل اليه مهمة اصدار مقومات الطعام للطباخين ويحمل مفاتيح المخزن ويقول “على الرغم من انها المرة الاولى التي اعمل فيها مع اناس ليسوا من اقاربي فكانت مصدر فخر ورضى كبيرين” . وفي العام السادس تم اخطارهم بانهم يحتاجون الى استصدار شهادات الميلاد اذا ارادوا الالتحاق بالمدارس المتوسطة . وسافر الى الفاشر وهنالك شاهد الكهرباء والسينماء وبعض المشروبات لاول مرة في حياته وهنالك تعلم ركوب العجلة , ولاول مرة التقط الصورة لنفسه من الاستديو. وبعد ذلك ذهب الى المستشفى لاستخراج شهادة التسنين يقول ” طلب مني الطبيب ان افتح فمي ليرى اسناني لكنه تابع حديثه مع زملائه وهو يكتب الاستمارة في ذات الحين , ابقيت فمي مفتوحا حتى سلم الوثائق لشخص اخر , بعد دقائق قليلة استلمت صورة شهادة تقدير العمر ولدت في اول من يناير 1958م. ثم ذهب الى القرية ليرعى ابله و عندما افتتحت المدرسة عاد ليمتحن . يقول “وفي عام 1971م كنت في المرعى حين بلغتني الاخبار بان ادائي في الامتحانات كانت ممتازا وقد تم قبولي بمدرسة كرنوي المتوسطة التي تبعد حوالي ستين كيلو مترا من بلدة طينة” .وفي 1974 امتحن من مدرسة كرنوي المتوسطة , وتم قبوله في مدرسة الفاشر الثانوية, وهنالك اكتشف بان العالم لا يدور فقط حول قبيلة الزغاوة واغنامها ونوقها واوشامها , ولاول مرة اكتشف بان الطالب الذي يجلس بجواره لا ينتمي الى الزغاوة , وفي تلك المؤسسة بدات تنهال على ذاكرته العديد من الكلمات والمفاهيم الجديدة مثل الحكومة المركزية , والاشتراكية الاحزاب, التنمية وغيرها. وفي السنوات الاولى انضم الى حزب الاتحاد الاشتراكي يقول “صعدت بعجل وسط صفوف الطلاب المنتمين لفرع الاتحاد الاشتراكي السوداني , وصرت رئيسا لقطاع شمال غرب دارفور وهو انجاز ليس بمتواضع بالنسبة لابن من ابناء كيرا”- وهذا الجزء من حياته يكاد يختفي لدينا – , و في السنة الاخيرة يترك الاتحاد الاشتراكي وينضم الى جماعة الاخوان المسلمين بدعوة من زميل يلقب بديجول والغريب ان ديجول هو الزميل الثاني الذي ذكره خليل باسمه في سيرته. وهنالك بدا يقرا كتب عديدة الفها مؤسسوا الجماعة من امثال سيد قطب وحسن البنا والمودودي وغيرهم .واصبح عضوا مواظبا في الحلقات الدينية والنشاط الطلابي ولكنه لم ينس واجباته الاكاديمية فنزل الامتحان النهائي وتم قبوله في جامعة الجزيرة بكلية الطب وذلك في عام 1978 . وفي جامعة الجزيرة دفع القدر بابن كيرا الى كابينة القيادة فيتولى رئاسة رابطة طلاب كلية الطب بجامعة الجزيرة وكلف بملفين من قبل الجبهة الاسلامية هما: رئيس لفرع الجبهة الاسلامية الذي يشرف على المدارس الثانوية بالاقليم الاوسط ثانيا انتخابه رئيسا لمنظمة الشباب من اجل البناء. ويبدو انه واجه عوائق عديدة في رئاسته وهو يقول في ذلك ” لكن الاشياء لن تمر كما ينبغي دائما تحت قيادتي كما ان قيادتي لم تجد توافقا مع اراء بعض اصدقائي واعضاء حزبي الذي انتمي اليه على حد سواء ” ثم اضاف قائلا ” كنت عنيدا ومستعدا دائما للميل إلى ما يمليه الي ضميري حتى وان دعى ذلك لوصفي بالمضي ضد اجماع الاخرين” لو لم يك كذلك ما كان عرفنا شيئا عنه , تخيل ماذا يحدث له لو استسلم لتلك القوانيين القاسية التي فرضتها عليه قرية كيرا؟ فرض عليه بان يكون راعيا للابل مدى الدهر الا انه تمرد وذهب الى المدرسة بنفسه . في الحلقة القادمة ان شاء الله سنتناول عن حياته العملية , زواجه , المسؤليات التي تولاها في عهد الانقاذ , مقتل داؤد بولاد , جمعية محاربة الفقر , الكتاب الاسود , فكرة حركة العدل والمساواة , عملية الذراع الطويل .كتاب قصة حركة العدل والمساواة برواية خليل ابراهيم”(١) بقلم: شاكر عبدالرسول نشر في سودانيل يوم 06 – 01 – 2012 تاتي اهمية هذا الكتاب في كون ان مؤلفه هو الدكتور عبدالله عثمان التوم , استاذ علم الانثروبولوجيا في جامعة مينوث بايرلندا ، وعضو في جمعية الانثربولوجيبن الأوربيين , وفوق ذلك هو قيادي بارز في حركة العدل والمساواة السودانية يتولى رئاسة امانة التخطيط الاستراتيجي . والاهمية الثانية تكمن في ان الراوي هو الدكتور خليل ابراهيم مؤسس حركة العدل والمساواة السودانية، بالطبع لا احد يستطيع ان يتحدث عن خليل او حركة العدل اكثر مما هو نفسه.لقد استغل عبدالله التوم فترة وجوده في الميدان وفكر بان يجول في عقل خليل ابراهيم مستعينا بجهاز للتسجيل واقلام واوراق . وكان خليل ايضا واضحا وصريحا وواقعيا عندما تحدث عن سيرته الذاتية وتطرق الى جوانب قد يعتبره البعض منا كنوع من التابو . وبهذه الواقعية قدم خليل الكتاب بمثابة بيوغرافيا حقيقية لحياته وبانوراما شامل لمشروع حركة العدل والمساواة السودانية منذ تاسيسها مرورا بعملية الذراع الطويل . و يجب علينا ان لا يفوتنا بان نشير إلى أن بعض فقرات الكتاب قد يستهوي القارئ الغربي اكثر مما يستهوي القارئ السوداني , يبدو ان بقاء الكاتب لفترة طويلة في احدى الدوائر الاكاديمية الغربية قد اثر فيه ليجاري المزاج الغربي في الكتابة . فمثلا نحن كقراء سودانيين خصوصا من اقليم دارفور لا نستطيع ان نستوعب ان يصف لنا التوم عن حركات ( ضب ) شاركه في غرفة باحدى فنادق انجمينا في اكثر من ثلاث اسطر, وعن طائر اللقلق الذي يزور قرانا في الخريف اكثر من عشرة اسطر , والكدامول وكيفية ربطها اكثر من صفحة ونصف , وعن ملاح العصيدة وادواتها أكثر من نصف صفحة، وهذه الملاحظات لاينقص من مكانة الكتاب بالعكس يظهره كوجبة دسمة يجذب شهية القراء من كل الاتجهات. يبدأ الكتاب بسؤال مباشر من عبدالله التوم الى خليل ابراهيم سائلا من انت ؟ تاتي الاجابة قائلا : ” انا اسمي حنين ابراهيم محمد حنين , ويذكر تسلسل اجداده حتى يصل الى الجد الاثني عشر ويقول ” ولدت في احدى فرقان قرية كيرا , تحت شجرة لا تزال تلك الشجرة تحمل اسمي , وقيل لي اني ولدت في عام 1958 ولكني لا اظن ذلك صحيحا, انا الابن السابع في عائلة تتكون من ثمانية ابناء لقد مات والدي وكنت طفلا , وتزوج امي عمنا نور عشر – وهو والد عبدالعزيز عشر احد قادة عملية الذراع الطويل وهو الان في سجن كوبر – وكما يجب ان نذكر شقيقه االمهندس ابوبكر ايضا قد استشهد في احدى معارك حركة العدل والمساواة.ثم انتقل الى والدته قائلا : ” امي اسمها ايبة عبدالرحمن فرتي , وهي امراة مهيبة جدا ولا استطيع التعبير كم انا مدين لها ” لقد عبر حنين عن افضال والدته في حياته اكثر من مرة في سيرته . ثم انتقل الى العلاقة التي تربط بين عائلته وعدد من الادارات الاهلية في المنطقة مثل امبرو كرنوي والدور والسلطان علي دينار بالفاشر . بعد ذلك انتقل الى طفولته قائلا: ” كنت في سن الخامسة او السادسة حينما بدات رعاية الاغنام , وفي الثامنة انتقلت الى الابقار , ولما بلغت العاشرة او الحادية عشر بدات رعاية الابل” لقد احب الابل اكثر من بقية الحيوانات وافتتن بها لحد العشق ويقول “عندما بلغت سن الخامسة عشر تقريبا عرفت كل نبتة وحيوان وكل حشرة تعيش في دار زغاوة ” وتحدث ايضا عن حياة الخلوة عندما كان يرعى الاغنام وكم عانى من ضربات عصا الخيزران الذي يحمله الشيخ ويقول” لم اتحدث العربية اطلاقا وكنت اخاطب الشيخ بلغة الزغاوة كما يفعل التلاميذ الاخرون وكنا نحفظ فقط ما يقدمه لنا الفكي من دون ان نفهم معانيها ” وصف لنا حياة المسيد وصفا واقعيا ورائعا وختم قائلا ” تعلمنا فيه اركان الاسلام الخمسة واسماء الانبياء الخمسة والعشرين واسماء الله الحسنى التسعة والتسعين والصلاة والوضوء بقليل من اللغة العربية “. ومن سؤ الحظ ان يقع عليه الاختيار من بين افراد العائلة ليرعى الابل , وسمح لاخوته بان يذهبوا الى المدرسة ولكنه تمرد على قرار العائلة يقول ” انا الطفل الذي قرر الذهاب الى المدرسة دون موافقة اولياء امره…….اهم درس تعلمته من رعاية الحيوانات هو اتخاذ القرار دون موافقة اولياء امري لكن علي ان اقول ذلك في حدود المعقول ” ويقول ” ذهبت الى المدرسة ….ووقفت في الصف , وجاء مدير المدرسة , وسالني عن عمري , ولم اكن اعرفه ثم سالني كم سنة عندك منذ كسرت اسنانك الامامية؟ فقلت له قبل عامين فضحك وتم قبولي في المدرسة ” ويقول ” في اليوم الثاني وقفت في الطابور , وبعد الانصراف تسابقنا نحو الفصل وحاولت ان اجلس في الصفوف الامامية , ولكن لم يحالفني الحظ فجلست في الصفوف الخلفية, وفي الفصل يدخل المدير …. حاملا معه ملف كبير وبدا يراجع الاسماء فنظر اليه وقال “انت حنين ابراهيم محمد ….فقلت نعم ….فنظر الى السقف …. ثم نظر اليٌ وكنت ارتعد من الخوف وقال من اليوم فصاعدا اسمك خليل ابراهيم و كفانا مع شغلانة حنين دي ” هكذا بجرة قلم اصبح اسمه خليل . كم من اغنام وخراف ذبحتها العائلة ليسمى بحنين , وكم من ايات قرأه الفكي ليبارك الاسم , وكم من مرات ردد الاسم الجديد كي لاينساه واسوأ من ذلك اصبح الاسم القديم جريمة يعاقب عليها. ووصف لنا عن معاناته في تعلم العربية في السنوات الاولى . وفي الصف الثالث يوكل اليه مهمة اصدار مقومات الطعام للطباخين ويحمل مفاتيح المخزن ويقول “على الرغم من انها المرة الاولى التي اعمل فيها مع اناس ليسوا من اقاربي فكانت مصدر فخر ورضى كبيرين” . وفي العام السادس تم اخطارهم بانهم يحتاجون الى استصدار شهادات الميلاد اذا ارادوا الالتحاق بالمدارس المتوسطة . وسافر الى الفاشر وهنالك شاهد الكهرباء والسينماء وبعض المشروبات لاول مرة في حياته وهنالك تعلم ركوب العجلة , ولاول مرة التقط الصورة لنفسه من الاستديو. وبعد ذلك ذهب الى المستشفى لاستخراج شهادة التسنين يقول ” طلب مني الطبيب ان افتح فمي ليرى اسناني لكنه تابع حديثه مع زملائه وهو يكتب الاستمارة في ذات الحين , ابقيت فمي مفتوحا حتى سلم الوثائق لشخص اخر , بعد دقائق قليلة استلمت صورة شهادة تقدير العمر ولدت في اول من يناير 1958م. ثم ذهب الى القرية ليرعى ابله و عندما افتتحت المدرسة عاد ليمتحن . يقول “وفي عام 1971م كنت في المرعى حين بلغتني الاخبار بان ادائي في الامتحانات كانت ممتازا وقد تم قبولي بمدرسة كرنوي المتوسطة التي تبعد حوالي ستين كيلو مترا من بلدة طينة” .وفي 1974 امتحن من مدرسة كرنوي المتوسطة , وتم قبوله في مدرسة الفاشر الثانوية, وهنالك اكتشف بان العالم لا يدور فقط حول قبيلة الزغاوة واغنامها ونوقها واوشامها , ولاول مرة اكتشف بان الطالب الذي يجلس بجواره لا ينتمي الى الزغاوة , وفي تلك المؤسسة بدات تنهال على ذاكرته العديد من الكلمات والمفاهيم الجديدة مثل الحكومة المركزية , والاشتراكية الاحزاب, التنمية وغيرها. وفي السنوات الاولى انضم الى حزب الاتحاد الاشتراكي يقول “صعدت بعجل وسط صفوف الطلاب المنتمين لفرع الاتحاد الاشتراكي السوداني , وصرت رئيسا لقطاع شمال غرب دارفور وهو انجاز ليس بمتواضع بالنسبة لابن من ابناء كيرا”- وهذا الجزء من حياته يكاد يختفي لدينا – , و في السنة الاخيرة يترك الاتحاد الاشتراكي وينضم الى جماعة الاخوان المسلمين بدعوة من زميل يلقب بديجول والغريب ان ديجول هو الزميل الثاني الذي ذكره خليل باسمه في سيرته. وهنالك بدا يقرا كتب عديدة الفها مؤسسوا الجماعة من امثال سيد قطب وحسن البنا والمودودي وغيرهم .واصبح عضوا مواظبا في الحلقات الدينية والنشاط الطلابي ولكنه لم ينس واجباته الاكاديمية فنزل الامتحان النهائي وتم قبوله في جامعة الجزيرة بكلية الطب وذلك في عام 1978 . وفي جامعة الجزيرة دفع القدر بابن كيرا الى كابينة القيادة فيتولى رئاسة رابطة طلاب كلية الطب بجامعة الجزيرة وكلف بملفين من قبل الجبهة الاسلامية هما: رئيس لفرع الجبهة الاسلامية الذي يشرف على المدارس الثانوية بالاقليم الاوسط ثانيا انتخابه رئيسا لمنظمة الشباب من اجل البناء. ويبدو انه واجه عوائق عديدة في رئاسته وهو يقول في ذلك ” لكن الاشياء لن تمر كما ينبغي دائما تحت قيادتي كما ان قيادتي لم تجد توافقا مع اراء بعض اصدقائي واعضاء حزبي الذي انتمي اليه على حد سواء ” ثم اضاف قائلا ” كنت عنيدا ومستعدا دائما للميل إلى ما يمليه الي ضميري حتى وان دعى ذلك لوصفي بالمضي ضد اجماع الاخرين” لو لم يك كذلك ما كان عرفنا شيئا عنه , تخيل ماذا يحدث له لو استسلم لتلك القوانيين القاسية التي فرضتها عليه قرية كيرا؟ فرض عليه بان يكون راعيا للابل مدى الدهر الا انه تمرد وذهب الى المدرسة بنفسه . في الحلقة القادمة ان شاء الله سنتناول عن حياته العملية , زواجه , المسؤليات التي تولاها في عهد الانقاذ , مقتل داؤد بولاد , جمعية محاربة الفقر , الكتاب الاسود , فكرة حركة العدل والمساواة , عملية الذراع الطويل . ظهرت المقالة عرض “كتاب قصة حركة العدل والمساواة برواية خليل ابراهيم”(١) بقلم: شاكر عبدالرسول أولاً على حركة العدل و المساواة السودانية.