نفط وغاز العراق.. والتحديات الجيوسياسية
منذ ١٤ يوم    الإتحاد
بين زيارة واشنطن في 15 أبريل الماضي وزيارة الرياض بعد ثلاثة أيام، قرر رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني تأجيل موعد فتح العروض التنافسية لشركات النفط العالمية على عقود الرقع الاستكشافية والحقول النفطية والغازية لجولتي التراخيص الخامسة (التكميلية) والسادسة، والذي كان محدداً في السابع والعشرين من الشهر نفسه (أي أبريل)، وذلك لمدة 15 يوماً، بغرض إفساح المجال لمشاركةِ أكبر عدد من الشركات الراغبة في تطوير الحقول والرقع المعروضة، مما يسهم في تعزيز التنافس على 30 مشروعاً للطاقة. وفي واشنطن، وقَّعت شركاتٌ عراقية وأميركية سلسلة اتفاقيات بحضور رئيس الوزراء السوداني ومسؤولين أميركيين، لاستغلال الغاز الطبيعي في إنتاج الكهرباء، ولمعالجة 300 مليون قدم مكعب يومياً في حقل بن عمر النفطي. ومن الشركات الأميركية التي وقَّعت مذكراتِ تفاهمٍ مع الجانب العراقي؛ «كيه بي آر» و«بيكر هيوز» و«جنرال إلكتريك». وتشمل الاتفاقيات مد خطوط أنابيب بطول 400 كيلومتر لنقل الغاز، ومنشأة بحرية للتصدير، ومحطة لمعالجة الغاز. وأبدت شركات أخرى استعدادها لتقديم عروض مشاركة في استثمار الحقول المعروضة في جولتَي التراخيص الخامسة والسادسة. أما في الرياض، فقد شارك السوداني على رأس وفد عراقي رفيع في فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس) المنعقد تحت شعار«التعاون الدولي والنمو والطاقة من أجل التنمية»، وأجرى سلسلة لقاءات مع عدد من زعماء الدول ورؤساء وممثلي شركات عالمية كبرى متخصصة في مجال الطاقة والتكنولوجيا الرقمية. وركز على حزمة مشاريع جاهزة للتنفيذ في مجال النفط والغاز، مؤكِّداً على سياسة حكومته، في سعيها لجذب رؤوس الأموال والشركات الكبرى، في إطار «رؤية العراق بضرورة التعاون وصناعة الشراكات الاقتصادية بين دول المنطقة». ووَصَف مشروع «طريق التنمية» الذي تبنّته حكومتُه، بأنه سيكون «خريطة طريق للتعاون بين الشرق والغرب، وقفزة تنموية نوعية كبرى للمنطقة، وأفضل الطرق لنقل الطاقة مستقبلاً». وسبق للعراق أن أنجز المرحلة الأولى من جولة التراخيص الخامسة بفوز شركة «الهلال» الإماراتية، وشركة «جيوجياد» الصينية. أما المرحلة «التكميلية» لهذه الجولة فتضم 16حقلاً ورقعة استكشافية، وهي معروضة في الجولة السادسة التي تضم 14 رقعة. ووفق تأكيدات وزارة النفط العراقية، فإن هدف هذه الجولات هو تعظيم احتياطي البلاد من النفط والغاز، ودعم قطاع الطاقة والصناعات المرتبطة بها، والنهوض بالواقع الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وذلك من خلال استثمار الموارد بالتعاون مع الشركات العالمية. وإذا كانت جولات التراخيص الأربع السابقة التي بدأ تنفيذها في 30 يونيو 2008 قد أضافت أكثر من مليوني برميل يومياً من إنتاجه النفطي الذي يبلغ حالياً نحو 4 ملايين برميل، فإن تنفيذ مشاريع جولَتَي التراخيص الخامسة والسادسة يرتقب أن يزيد الإنتاج إلى نحو 6 ملايين برميل يومياً، وستتوفر حاجة الاستهلاك المحلي من الغاز وتوليد الطاقة الكهربائية، وربما يصبح العراق من الدول المصدرة للفائض من احتياطاته الغازية. وعلى الرغم من أن التوازن بين صادرات النفط والتنمية المستدامة في العراق، لا يمكن أن يتحقق، إلا بعد استثمار فوائد الإيرادات النفطية في مشاريع إنتاجية غير نفطية، فإنه لابد من الأخذ بعين الاعتبار الخشيةَ والقلقَ الكبيرين من مواجهة مخاطر «جيوسياسية» وحالة عدم استقرار أمني وسياسي في المنطقة، خصوصاً أن مشاريع الجولة الخامسة تركز على الحقول الحدودية مع إيران والكويت، وحقول الجولة السادسة تقع في وادي حوران، وعلى طول المناطق القريبة من الحدود مع سوريا والأردن. *كاتب لبناني متخصص في القضايا الاقتصادية