أصداف : نحن ومعلوماتنا والتطبيقات
منذ شهرين    الوطن
جمهور واسع جدًّا في العالَم يستخدمون مواقع الإنترنت والتطبيقات، ومن بَيْنَها جميع وسائل التواصل الاجتماعي. وثمَّة حلقة تشترك فيها جميع تلك المنصَّات والمواقع هي معلومات المستخدم التي يتمُّ طلبها عِنْد إنشاء الحسابات، وهنا نحتاج إلى وقفات للتعرُّف على تفاصيل وخبايا تلك البيانات، ونخرج من الزاوية الضيِّقة إلى الأُفق الأوسع والأعم. و»التطبيقات» تشمل جميع نوافذ الإنترنت، وكيف تُقدِّم خدمات واسعة ومُتعدِّدة بالمجَّان، بحيث توفِّر تطبيقات الاتِّصالات مبالغ طائلة، وتمنح المستخدم فرصة للتواصل مع الأهل والأقارب في مختلف بقاع المعمورة دُونَ أن يدفعوا سنتًا واحدًا. وثمَّة منصَّات عملاقة يتمُّ من خلالها عَقْد المؤتمرات العلميَّة والبحثيَّة والاجتماعيَّة، وبِدُونِ هذه المنصَّات ـ على سبيل المثال منصَّة زووم ـ لَتمَّ صرف مبالغ كبيرة لتأمين بطاقات النقل جوًّا ثمَّ الإقامة في الفنادق وملحقات الصرفيَّات الأخرى، يضاف إلى ذلك الوقت المهدور في السَّفر إلى مُدُن وبلدان بعيدة. وفي جانب آخر تُقدِّم منصَّات التسلية المحتوى المنوَّع الذي يجذب جميع الميول والأهواء والاتِّجاهات، لِتصلَ ساعات بثِّ تلك المحتويات مستويات عالية وغير مسبوقة، وتجذب مئات الملايين لصرف السَّاعات الطويلة في متابعة تلك المحتويات، وحتَّى المواقع التي تُقدِّم المحتوى العلمي والبحثي والتي يقضي النَّاس ملايين السَّاعات في متابعتها، فإنَّها تدخل ضِمْن الخدمات المجانيَّة التي يحصل عليها زوَّار تلك المواقع. نظرًا لسهولة الوصول إلى تلك التطبيقات والمواقع ولا يحتاج المرء الكثير من الجهد وفي الوقت نَفْسه فإنَّها مجانيَّة، وتمَّ تصميمها جميعًا بطريقة يسهل التسجيل فيها وإنشاء الحسابات، وأنَّها تُعدُّ واحة جاهزة أو واحات متنوِّعة بَيْنَ يدَي المستخدم، ولا يحتاج المرء إلَّا دقائق لِيجدَ نَفْسه قادرًا على إنشاء المحتوى النَّص والصورة والفيديو ونَشْره أمام الجميع، ليس ذلك فقط، فيصبح متابعًا لردود أفعال الآخرين من معارفه وغير ذلك. وثمَّة الكثير من النَّاس خرجوا من العزلة إلى العالَم الأوسع، حيث ازداد عدد الأصدقاء الذين يشتركون في اهتمامات وهوايات مختلفة، ولَمْ تَعُدْ حلقة معارفه مقتصرة على زملاء الدراسة والأقارب والمحصورين في رقع جغرافيَّة مُحدَّدة، بل سرعان ما تحوَّلَ العالَم الواسع إلى «قرية صغيرة» بحقٍّ، فقَدْ تحقَّق الانتشار لمحتوى الملايين من النَّاس وفي مختلف اللغات والثقافات كما لَمْ يحصلْ في أيِّ حقبة في السَّابق. وبقدر ما يتحقَّق هذا الانتشار على أرض الواقع، فإنَّ المخاوف تزداد وعلى نَحْوٍ غير مسبوق من دقَّة المحتوى والأهداف التي يخفيها أصحابها ووسائل التغليف التي تستخدم بغرض وصولها إلى الفئات المستهدفة من تلك المنشورات. يُشكِّل ثلاثي العالَم الرَّقمي (نحن ومعلوماتنا والتطبيقات) الواحة الخطيرة رغم سلاستها وبساطتها، ويحقِّق تطوُّرًا هائلًا في طريقة العرض للمحتوى والطُّرق المخفيَّة المحفِّزة للاندماج والتفاعل، والانتقالات المتسارعة جدًّا للتقنيَّات. أين يسير مركبنا وما مستقبل المحطَّات المعلنة والخفيَّة فيه؟ وليد الزبيدي كاتب عراقي wzbidy@yahoo.com