القمة الإيطالية-الافريقية جسر نحو الاستعمار الجديد
منذ شهرين    الصحافة
تتعدد سنويا القمم التي تعنى بالعلاقات الافريقية واصبحت تشغل كل القوى العظمى وتقام تحت مظلة التلاقي والتعاون من اجل المصلحة المشتركة، غير ان هذا العنوان يخفي ابعاد جيوسياسية اقتصادية امنية... وهي في الواقع تحمل بعدا استعماري وامبريالي.نعم تتعدد هذه القمم بصفة دورية القمة اليابانية-الأفريقية، القمة الصينية-الافريقية، القمة الأوروبية-الافريقية، القمة الفرنسية الافريقية... وها نحن اليوم امام قمة إيطالية افريقية انعقدت بالعاصمة روما يوم الاثنين 29 جانفي 2023 لتحاول من خلالها إيطاليا ان تجد موطئ قدم في أفريقيا في سعي منها لاستعادة امجاد الإمبراطورية الرومانية (حلم الفاشية الإيطالية) في ظل هذا التكالب الاستعماري الجديد الذي يهدف الى استغلال كل الموارد الطبيعية والبشرية والمناخية والطاقية الموجودة في القارة الافريقية.كل هذه القمم تشترك في العناصر التالية • البحث عن تموقع متفرد جبوسياسي وأمني في افريقيا• فرض منتوجات شركاتها الكبرى على الأسواق الأفريقية نظرا لان كل هذه التظاهرات (القمم) تمولها الشركات الكبرى • الحصول على الطاقة بأسعار تكاد تكون رمزية • كل هذه القمم تمثل بعدا بربغندي سياسي وشعبويا يخدم المصالح السياسية الداخلية للسلط الحاكمة.وعلى سبيل المثال هذه القمة الإيطالية-الافريقية لم يكن لها صدى اعلامي متميز بأغلب العواصم الافريقية بينما تم تناولها في وسائل الاعلام المحلية كأنها قمة إيطالية تونسية، بينما اخذت صدى واسع جدا في الفضاء الإعلامي والتواصلي الرسمي والاجتماعي الإيطالي والتونسي. ويعود هذا التباين في التعامل مع هذه القمة على المستوى الافريقي والإيطالي الى ان اغلب العواصم الافريقية لا تعتقد ان إيطاليا لها القدرة العسكرية والاقتصادية الكافية التي تمكنها من الدخول في المعركة الاستعمارية الجيوسياسية الجديدة بنفس الحظوظ كبقية منافسيها. في حين ان ايطاليا تسعى من خلال هذه القمة للحصول على الطاقة الغازية والبترولية بأسعار تفضيلية من ليبيا والجزائر. كما تطمح ايضا الى وضع ملف الهجرة كمحور مفصلي في العلاقات السياسية والاقتصادية مع بلدان شمال افريقيا وخاصة منها الجمهورية تونس.كما تطمح الحكومة اليمينية الإيطالية ورئيستها ميلوني الى تجسيد صورة مثالية زعامتيه انتصارية على خصومها في إيطاليا وقيادة الحركة اليمينية الأوروبية وتتفوق بذلك على نظيرتها في نفس التيار ماري لوبن. حتى انها لم تتوانى في قطع التمويل عن وكالة الإغاثة الفلسطينية الاونروا التابعة للأمم المتحدة في الساعات الأولى من اتهامها من قبل الكيان الصهيوني بمشاركة بعض من افرادها في احداث 7 اكتوبر حتى قبل بداية التحقيق في مدى صحة هذه التهمة وتم ذلك يوم السبت قبل يوم من انعقاد القمة الإيطالية-الأفريقية. كل المحللين السياسيين يعلمون ان الهدف من هذه التهمة الاسرائيلية التي ساندتها ميلوني هي أرباك واضعاف الأمين العام للأمم المتحدة انتونيو غوتيريش الذي طالب بإيقاف الإبادة الجماعية والمجازر التي ترتكب في حق الشعب الفلسطيني.ويكفي هذا الموقف لاستدلال على حقيقة التموقع السياسي والايديولوجي للسيدة ميلوني وولائها المطلق للولايات المتحدة وتواطؤها مع الحركات الصهيونية اليمينية العالمية.والغريب في الامر ان موقفها هذا لم يلق اي احتراز علني من أي طرف مشارك في هذه القمة التي تدعو للسلام والتعايش بين الشعوب الافريقية والإيطالية.